كل إنسان معرض للحروب الروحية. سواء من الخارج أو من داخله تمر هذه الحروب عابرة. ويسهل الانتصار عليها. إن كان الشخص في حياة روحية قوية. ولكنها تكون عنيفة.
إن كان في حالة فتور. أو في استرخاء روحي. أو في إهمال لعبادته ولوسائط النعمة.
الحروب الداخلية
سنركز في كلامنا عنها. علي الأفكار والشهوات..
فالأفكار تحارب العقل. والشهوات تحارب القلب والحواس..
والحروب الروحية الداخلية تكون أصعب من الحروب الروحية التي تهجم من الخارج. لأن الحروب الداخلية يكون فيها الإنسان عدو نفسه. وتكون صعبة لأنه يشتهيها ولا يريد مقاومتها. ولهذا كانت نقاوة القلب هي أهم شيء في حياة الإنسان. فالقلب النقي حصن لا يُنال.
***
والحروب الداخلية قد يكون سببها طبع اندمج في الخطيئة. وغالباً ما يكون قد ترسب من الماضي في قلب الإنسان وفي فكره. بما يحاربه.. وقد يتسبب عن طبيعة ضعيفة تستسلم للخطأ. أو عن عدم اهتمام بالروحيات تكون نتيجته ضعف القلب من الداخل. فيترك الفكر يطيش حيثما شاء بلا ضابط.. فيبدأ التراخي في ضبط الحواس. والحواس هي أبواب للفكر.
والحروب الداخلية قد تبدأ خفيفة أو عنيفة. وحتي إن بدأت خفيفة.
فإن تراخي الإنسان في مقاومتها. تسعي للسيطرة عليه..
أما الإنسان المنتصر علي الحرب الداخلية. أو الذي ليست له حروب روحية في داخله.. فهذا إن أتته حروب من الخارج. تكون خفيفة عليه. ويمكنه التغلب عليها. لأن القلب رافض لها. وإرادته لا تتجاوب معها..
***
حرب الأفكار
قد تكون الأفكار في اليقظة. وقد تكون في المنام..
والأفكار أثناء النوم. ربما تكون مترسبة من أفكار وأخبار أثناء النهار. أو قد ترسبت في العقل الباطن من شهوات ومن أفكار. ومما جلبته الأذن من أخبار وحكايات. وما قرأه الشخص من قراءات ظلت عالقه في ذهنه.. كل هذه تأتي في أحلام. أو في سرحان. أو ما يسمونه بأحلام اليقظة. ويستمر فيها الإنسان طالما كان القلب قابلا لها. فإن كان رافضاً لها تتوقف. ويصحو لنفسه.
وإرادة الإنسان ضابط هام للفكر. فهي التي تسمح بدخول الفكر..
وحتي إن دخل الفكر خلسة. فهي التي تسمح باستمراره أو بايقافه. ومن هنا تأتي مسئولية الإنسان عن أفكاره. أمام ضميرة وأمام الله.
***
ومن هنا يرد السؤال التالي: هل هذه الأفكار إرادية. أم غير إرادية. أم شبه إرادية؟ أي من النوع الذي هو غير إرادي. ولكنه تابع من إرادة سابقة تسببت فيه!
فقد يغرس الشيطان فكراً في عقل إنسان. يدخل إليه بغير إرادته. ولكن حتي هذا الفكر الذي لا مسئولية عليك في دخوله. توجد مسئولية عليك في قبوله.. إن أردت يمكنك أن تطرد الفكر ولا تتعامل معه. ولا ترحب به.. لأنك إن قبلت الفكر الخاطئ. تكون خائناً لنعمة الله العاملة معك. وتكون مقصراً في حفظ وصايا الله وفي حفظ نقاوة قلبك.
***
وقد يأتيك الفكر الخاطئ في حلم.. فإن كنت نقياً تماماً. سوف لا تقبله في الحلم أيضا. بل ترفضه. أو يتغير الحلم. أو تستيقظ..
وإذا كنت لم تصل إلي هذا المستوي. وقبلت الفكر الخاطئ في الحلم. فستحزن بسببه كثيرا حينما تستيقظ. ويترك هذا الحزن أثره العميق في عقلك الباطن. فترفض كل حلم مماثل في المستقبل.. إن لم يكن مباشرة. فبالتدريج. إلي أن تصل إلي نقاوة العقل الباطن.
إذن قاوم أي فكر خاطئ يأتي إلي ذهنك في النهار. أثناء يقظتك. لكي تتعود المقاومة حتي بالليل. أثناء نومك. وتنغرس هذه المقاومة في أعماق شعورك. ويتعودها عقلك الباطن. إن زمام أفكارك في يدك. سواء منها الأفكار التي تصنعها بنفسك. أو التي ترد اليك من الخارج.
من الشيطان أو من الناس. وما أصدق قول المثل:
إن كنت لا تستطيع أن تمنع الطير من أن يحوم حول رأسك. فإنك تستطيع أن تمنعه من أن يعشش في شعرك.
***
بإرادتك. وباشتراكك مع عمل النعمة فيك. يمكنك السيطرة علي الأفكار. فلا تتركها لتأخذ سلطاناً عليك. ولا تستطيع تلك الأفكار الخاطئة أن تفقدك نقاوتك. وذلك ما دمت لا تتجاوب معها.
لذلك لا تستسلم لأي فكر خاطئ يرد اليك. وليكن كل إنسان حكيماً.. يعرف كيف يبدأ الفكر عنده. وكيف يتطور. وما هو خط مسيره داخل ذهنه؟ وما نوع الأفكار التي تبدأ بريئة هادئة. ثم تنتهي بنهاية خاطئة! وليحترس منها. ولا يعطي مجالاً للفكر حتي يشتد.
وإن اشتدت عليك الأفكار بطريقة ضاغطة ومستمرة. فلا تيأس ولا تظن أنه لا فائدة من مقاومة الفكر. وتستسلم له!!
إن اليأس يجعل الإنسان يتراخي مع الفكر. ويفتح له أبوابه الداخلية. ويضعف أمامه ويسقط. أما أنت فحارب الأفكار وانتصر. متمسكا بمعونة الله لك. ولكن كيف تنتصر؟
***
كيف تنتصر علي الفكر؟
1 - ان لا تخف من مقاتلة الأفكار الخاطئة. ولا تفترض هزيمتك أمامها. بل اصمد. واعرف ان انتصارك علي الفكر. سيعطيك بهجة بانتصارك. كما يمنحك خبرة في الروحيات. ويكون لك أجرك علي جهادك.
2- اشغل فكرك بشيء روحي. أو بأي اهتمام عميق. حتي إذا ما أتاك الشيطان بفكر ردئ. لا يجد ذهنك متفرغاً له.. وهذا إجراء وقائي..
درب نفسك علي أن تتولي قيادة أفكارك. ولا تجعل الأفكار تقودك. واحرص ولا تترك عقلك في فراغ. خوفاً من أن يحتله الشيطان ويلقي فيه ما يريد.
3- لهذا فإن القراءة الروحية مفيدة جدا. ليس فقط في شغل الذهن ومنع الأفكار الرديئة عنه. وإنما أيضا لها فائدة ايجابية. لأنها تعطي الفكر مادة روحية للتأمل. وتملأ القلب بمشاعر نقية. في محبة الله والفضيلة. وتجعل القلب قويا في طرد الأفكار المضادة.
***
4- كن متيقظا باستمرار. ساهرا علي نقاوتك. فلا يسرقك الفكر الردئ دون أن تحسن. واطرد الفكر من بادئ الأمر. قبل أن يبغتك ويضعف مقاومتك.
واعلم أنك ان تركت الأفكار الخاطئة باقية فترة في ذهنك. لا تلبث هذه الأفكار ان تثبت أقدامها وتقوي عليك. وكلما استمرت واستقرت في داخلك. تضعف أنت ولا تستطيع مقاومتها وتسقط. لذلك كن متيقظا وسريعاً في طرد الأفكار.
***
5 - هتم باقتناء الفضيلة التي يسمونها "استحياء الفكر"
اقصد بهذا إنه عندما يكون فكرك ملتصقا بذكر الله. بالصلاة والتأمل وبعبارات الحب الالهي. بالتسبيح والترتيل. حينئذ يستحي الفكر من أن يهبط من مستواه الروحي لتشغله أفكار الخطية! فيرفضها. وهذا علاج وقائي أيضاً.. إذ يستحي الفكر من تأملاته الروحية السابقة.
6- ومن الناحية المضادة ابتعد عن العثرات التي تجلب أفكاراً خاطئة..
ابتعد عن كل لقاء ضار. وعن كل صداقة أو معاشرة خاطئة.. ابتعد عن القراءات التي تجلب أفكاراً دنسة أو التي تتيهك عن الفكر الروحي. كما تبتعد أيضاً عن السماعات والمناظر والأحاديث وكل مسببات الفكر البطال.
ومادامت الحواس هي أبواب الفكر. فاحرص أن تكون حواسك نقية..
إن تراخيت مع الحواس. تكون كمن يحارب نفسه بنفسه . فاحترس إذن. ولتكن حواسك معك لا ضدك.
***
7- احترس من الأفكار الطائشة. التي قد لا تكون خيراً ولا شراً..
فربما تكون تمهيدا لأفكار خاطئة. لأن الذي لا يضبط فكره. بل يتركه شاردا هنا وهناك.. قد يرسو علي موضوع خاطئ ويستقر فيه. فمن الناحية الايجابية. اربط فكرك بما هو صالح ونافع سواء في عملك أو مسئولياتك أو الصالح العام. لكي لا يسرح في أمور عديمة الفائدة.
8 - إذا اتعبك الفكر ولم تقوَ عليه. اهرب منه بالحديث مع الناس..
لان عقلك سوف لا يستطيع حينئذ أن يجمع بين موضوعين في وقت واحد: الفكر والحديث مع الناس..
كما يمكنك أن تستعين علي طرد الفكر بالصلاة. أي الحديث مع الله..
***
9 - وهناك قاعدة روحية أحب أن أقولها لك في محاربة الأفكار. وهي:
الهروب من الأفكار الخاطئة خير من محاربتها.
لأن الفكر الخاطئ الذي تنشغل بمحاربته: حتي إن انتصرت عليه. يكون قد لوّث عقلك ولو بعض الوقت!.. ولا تخدع نفسك قائلا: سأراه كيف يسير الفكر وكيف ينتهي. ولو من باب الاستطلاع!! ذلك لأنك تعرف تماماً أن هذا الفكر سيضرك. فلماذا إذن استبقاؤه داخلك؟!
ولا تتهاون أيضا قائلاً: "أنا استطيع أن أهزم الأفكار. ولكني أناقشها لأظهر ضعفها!". فربما تغلبك الأفكار. وهي التي تظهر ضعفك!
10- اعرف أيضاً ان الأفكار إذا استمرت. فقد تقود إلي شهوات.
فتكون أخطر. بانتقالها من الذهن إلي القلب. ومن الفكر إلي العاطفة!!
***
حرب الشهوات:
الشهوات كثيرة: منها شهوة الجسد. وشهوة المعرفة الخاطئة. وشهوة الرئاسة والمناصب. وشهوة الانتقام. وشهوة المال. وشهوة الامتلاك. وشهوة العظمة والشهرة. وفي كل هذه تكون ملكية القلب قد انتقلت من الله إلي غيره.
1- فإن رحلت إلي الشهوة لا تكملها. بل حاول أن تتخلص منها. واذكر تلك العبارة الجميلة:
افرحوا لا لشهوة نلتموها. بل لشهوة اذللتموها
إن أكثر شيء يفرح الإنسان هو أن ينتصر علي نفسه. حقاً إن لذة الانتصار علي النفس هي أعمق من اللذة بأية شهوة أخري.
***
2- وإن تعبت من ضغط الشهوات. لا تيأس وتظن انه لا فائدة..
انظر إلي ما تستطيع نعمة الله أن تعمله من أجلك. وليس إلي ما تعجز أنت من عمله. ولاتظن في مقاتلة الشهوات انك تحاربها وحدك. فهناك معونة سمائية تسندك فيما يستمر جهادك الروحي.
3 - تذكر انتصارات الذين تابوا. ولا تضع أمامك ضعفك وانهزاماتك السابقة.
إن الله الذي أعان مشاهير التائبين سيعينك أيضاً. فجاهد كثيراً في صلواتك. ولا تخجل من الصلاة. حتي وأنت في عمق الخطية! فإن الله سوف ينظر إلي رغبة قلبك. ويقويك. ويزيل منك ضعف إرادتك.
***
4- اسلك في الوسائط الروحية. وفي كل ما يقوي قلبك في محبة الفضيلة..
وثق أنه سيأتي الوقت الذي تصبح فيه كفة الخير هي الراجحة في حياتك. لأن حب الفضيلة هو في طبيعة الإنسان. وكل شهوات الخطيئة هي دخيلة عليه.. ان العالم بعد أن خضع لعبادة الأصنام علي مدي أجيال طويلة عاد مرة أخري إلي الله. وهكذا أيضا لم يستمر الالحاد في بلاد كثيرة. بل عاد إليها الإيمان وقضي علي فلسفة الالحاد.
***
5- ابعد عن كل مصادر الشهوة حتي لا تتعمق في قلبك.
وكن حازماً مع نفسك. لا تطعها في كل ما تطلبه. وإنما علي قدر طاقتك قاوم تلك الرغبات. واحط نفسك ببيئة صالحة تساعدك علي ترك ما أنت فيه.
الحروب الروحية "ب"
تكلمنا في المرة السابقة عن الحروب الروحية التي تأتي من داخل الانسان. أعني من أفكاره وشهواته. واليوم نتحدث عن الحروب الروحية التي من الخارج: من الشيطان. أو من الناس سواء كان أعداء أو أحباء. أو من البيئة. ومن المادة والعالم.
حروب من الشيطان
حروب الشيطان إما أن تكون بطيئة طويلة المدي. أو أن تكون فجائية وعنيفة.
الحروب البطيئة قد لا يشعر الشخص بها. بل الشيطان يجذب بها ضحاياه بتدرج طويل. لا يكادون يشعرون فيه بما يحدث لهم!
يحذرهم قليلاً قليلاً. وينقص من حرارتهم الروحية شيئاً فشيئاً علي مدي واسع. حتي تتغير حياتهم روحياً وهم لا يدركون ذلك إلا بعد فوات الفرصة. حين يضربهم بعد ذلك ضربته الشديدة وهم غير مستعدين لها!
كإنسان مثلاً يغرقه الشيطان مدة طويلة في حياة الترف أو في متعة الرئاسة والسلطة أو في الشهرة. فيتراخي في روحياته بتدريج لا يشعر به. حتي يصل إلي حالة من الفتور الروحي يستغلها الشيطان لإسقاطه.
ہ ہ ہ
أما الحروب العنيفة الفجائية. فقد تشبه الرؤي والأحلام الكاذبة. التي يضلله بها. أو غيرها من أنواع الضلالات الشيطانية. أو بعض أنواع المناظر المفزعة التي حارب بها بعض القديسين.
علي أن الله لا يسمح للشيطان بأن يستخدم مثل هذه الحروب العنيفة مع كل أحد. إلا مع القادرين علي احتمالها. ذلك لان الله لا يسمح بان يُجرّب البشر فوق ما يطيقون. كما أن الشيطان ليس مطلق الحرية في حروبه.
علي أن حروب الشيطان ليست كلها فزعاً ومناظر كما حدث للقديس الأنبا أنطونيوس. وليست كلها أمراضاً وخراباً كما حدث لأيوب الصديق.
ہ ہ ہ
فهناك حروب أخري من الشيطان بأفكار يلقيها في الذهن. أو شهوات يلقيها في القلب..
وهذه الحروب تكون ضعيفة في أولها. لانها ليست نابعة من داخل الإنسان. بل هي غريبة عليه. وتظل هكذا ضعيفة. إلي أن يفتح لها هذا الانسان باباً تدخل منه إلي قلبه ومشاعره. وهنا يكون قد أخطأ..
انها خيانة روحية منك أن تفتح أبوابك الداخلية لعدو الخير الذي يريد أن يحطم ملكوت الله داخلك. خيانة منك لمحبة الله أن تُدخل في قلبك ما يشاء الشيطان به أن يبعدك عن الحياة مع الله ووصاياه..
وفي خيانتك. إذ ترفض عمل النعمة فيك. حينئذ يقوي عليك الشيطان.
ہ ہ ہ
لا تحتج بأن حروب الشيطان قوية. إنك تجعلها قوية حينما تستسلم لها.
أما ان قاومت الشيطان. فسوف يضعف أمامك. ويعمل لك حساباً في حروبه المقبلة. إن القلب القوي الثابت في طاعة وصايا الله. والأمين في محبته. يستطيع أن يطفيء جميع سهام الشيطان الملتهبة..
عندما كان قلب موسي النبي قوياً. تضاءلت أمامه قوة فرعون وكل جيشه. ولم تخفه أمواج البحر.. وانت كلما كان قلبك من الداخل قوياً. فسوف لا تضعف مطلقاً أمام حروب الشياطين.
كل ما يعمله الشيطان أن يقدم لك أفكاراً ومقترحات. دون أن يرغمك. ويترك الأمر لارادتك تقبلها أو لا تقبلها. وهو يسعد بقبولك.
ان قاومته ورفضته. يحترمك ويخافك. أما ان ضعفت أمام عروضه. فانك تعطيه كرامة ليست له. وتمنحه الفرصة في أن يتجرأ عليك..
لذلك لا تخف من الشيطان لئلا يقوي عليك. احترم نفسك في التعامل معه.
ہ ہ ہ
من أمثلة حروب الشيطان المعروفة: حروب الشك في الله:
الشك في وجود الله. أو في رعايته للبشر. ومن تلك الأفكار نتج الملحدون. الذين قال بعضهم ان الله يعيش في برج عالي في السماء. لا يهتم بشئون البشر. ويترك الفقير إلي جوار الغني. لذا أنشأوا الاشتراكية الملحدة. وكلها وأمثالها يغرسها الشيطان في الأذهان. ويسميها فلسفة!
وبعد أن يلقي الشيطان بفكر الإلحاد. يتبعه بفكر اليأس
فيقول لضحيته "لا خلاص لك وقد أنكرت وجود الله"!! فإذا ما أوصله إلي هذا الحد. يقول له "مادام لا نصيب لك في السماء. تمتع اذن بما تشاء علي الأرض"!! وبهذا يقوده إلي حياة الاستهتار.. وفي كل ذلك يقول له "وما أدراك أن هناك سماء وحياة أخري؟!".
ہ ہ ہ
ويحاول الانسان أن يقاوم الفكر. ولكنه يلح عليه ويستمر ...
ومقاومته للفكر تدل علي أن الفكر محاربة من الشيطان. وليس سقوطاً...
نصيحتي لك: لا تيأس. ولا تظن انك سقطت. واستمر في مقاومة الفكر. واستعن بالصلاة ليخلصك الله. وحاول أن تغيرّ مجري أفكارك إلي غيرها.
كذلك امتنع عن القراءات التي تجلب لك الشك وفي سائر المسلمات الثابتة في الضمير. وكذلك ابعد عن المعاشرات الرديئة التي تسبب لك مثل هذه الأفكار. وأدرس عكسها من الناحية الايجابية.
ہ ہ ہ
ومن محاربات الشيطان أيضاً السحر والتنجيم وما يشابهه:
علي انه ليس كل ما يظنه الناس سحراً هو سحر بالحقيقة. فالسحر الحقيقي غالباً ما يكون مصحوباً بما يشبه الأعاجيب. التي هي مجرد أمور Fantastic تخلب الذهن ولكنها من ضلالات الشياطين.. أما ما يسميه الناس "العمل" ويخافونه. فلعله بعض الحيل البشرية لخداع البسطاء واستغلالهم.
كذلك من محاربات الشيطان التنجيم. وكل الطرق الأخري في إدعاء معرفة المستقبل. لانه لا يعرف المستقبل والخفيات إلا الله وحده.
ہ ہ ہ
من حروب الشيطان أيضاً عرضه المعونة في إيجاد حلول وتحقيق رغبات!!
فقد يعرض مساعدته - بطرقه الشيطانية - ان يوصل الشخص إلي ما يبتغي. وبهذا يوقعه في وسائط خاطئة. ولكنها تحقق غرضاً! فإن كانت لك رغبة ولم تجد حلاً. فلا تقبل تعاون الشيطان معك لتحقيقها. فالشيطان إذا أعانك علي تحقيق رغباتك. سرعان ما يجعلك أنت من أعوانه.
ہ ہ ہ
نقطة أخري من مصادر الحروب الخارجية هي:
الصداقات الضارة
أعني بها الصداقات التي تضرك في روحياتك. أو في عقيدتك. أو في فكرك. والتي تتلف قلبك ومشاعرك. لذلك أنصحك باختيار أصدقائك الذين يؤثرون عليك بأفكارهم. بحيث يكونون من النوع ذي التأثير الفاضل..
كما أنصح بحسن اختيار شركائكم في الحياة الزوجية. لان لهم بلا شك تأثيراً علي حياتكم الروحية ان علواً أو هبوطاً.
فالأزواج في تأثيرهم أكثر عمقاً من الأصدقاء أو المعارف أو الزملاء
الصديق قد يلتقي بك في أوقات محددة. أما الزوج فهو شريك الحياة باستمرار. فيجب أن يكون انتقاؤه صالحاً من كل جهة. ليس من الناحية الاجتماعية فحسب. بل أيضاً من النواحي الروحية والعقائدية. ويكون ذلك الانتقاء بعمق. ولا يصح الاكتفاء فيه بالمظاهر والشكليات.
ولنضع أمامنا ذلك المبدأ: إن المعاشرات الرديئة تفسد الأخلاق الجيدة.
ہ ہ ہ
ما أكثر الآباء والأمهات الذين يفسدون تربية أبنائهم: إما بالقسوة. أو بالتدليل الزائد. أو بالقدوة السيئة التي يقدمونها لهم. أو بالتدخل المسيطر في خصوصياتهم. مما يضعف شخصياتهم. ويفقدهم الخبرة وحسن التصرف.
كذلك الزوج غير المتدين. الذي يجر زوجته إلي نفس الضياع الذي هو فيه. ويسخر من تدينها. ولا يعطيها فرصة لممارسة حياتها الروحية.. وكل هذه محاربات روحية تأتي من الخارج: أحيانا بأسلوب هاديء. وأحياناً بضغوط.
والانسان ربما لا يستطيع أن ينفصل عن مثل هذا النوع من أقاربه وأهل بيته. ولكن ينبغي أن يحب الله أكثر منهم. ويطيع الله أكثر منهم..
ولا يضحي بروحياته أو بماله من مباديء وقيم. مجاملة لأقربائه..! لانه هكذا يعلمنا الدين: "ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس".
ہ ہ ہ
ومع ذلك فهناك نوع معين من الأقارب والأصدقاء ينبغي البعد عنه. إن لم يكن ابتعادا بالجسد. فعلي الأقل يكون بعدم الاشتراك معهم في أخطائهم. سواء في التصرف أو الحديث الخاطيء.
علي أن البعض قد يمنعه الخجل من البعد عن الخاطئين: أقارباً كانوا أو أصدقاء.. وبهذا يشتركون معهم في الخطأ بسبب الخجل..
وهنا ينبغي للإنسان الروحي ان يعرف ان هناك حدوداً للخجل. وان هناك مواقف تحتاج إلي حزم وقوة شخصيته للبعد عن أسباب الخطية.
لقد صدق المثل القائل "إسأل عن الرفيق قبل الطريق". فربما يؤثر عليك أحد أقربائك أو أصدقائك تأثيراً يتلف نفسك. أو يُدخل إلي قلبك أو ذهنك أفكاراً أو مباديء تقود حياتك في طريق خاطيء.
اعلم ان قريبك الحقيقي. هو الذي يقربك إلي الله
وصديقك الحقيقي هو الذي يكون صدّيقاً. وصادقاً في إخلاصه لروحياتك
ويكون صادقاً أيضاً في حفظه لسمعتك. وفي اهتمامه بخلاص نفسك..
ہ ہ ہ
ننتقل إلي نقطة أخري من الحروب الروحية. وهي:
العثرات
العثرة هي ما يسبب الخطية. وكل ما يسبب السقوط للإنسان
هي مسببات الخطية. سواء تجلب فكراً خاطئاً. أو شهوة خاطئة. وقد تأتي العثرات من السمع أو النظر أو القراءة أو من باقي الحواس.. فعليك ان تبعد بقدر طاقتك عن كل مسببات الخطية. ولا تكون أنت عثرة لغيرك.
والعثرات ربما تفرض نفسها علينا. وربما نسعي نحن برغبتنا اليها.
فالتي تفرض نفسها تكون حرباً خارجية. والتي نسعي اليها تكون حرباً داخلية تطلب اشباعاً من الخارج. وفيها تجتمع الحربان الداخلية والخارجية. وهذه دينونتها أشد. والنجاة منها أصعب.
وعلي الانسان ان يقطع نفسه من الأحباء والأعزاء الذين تأتي بسببهم العثرات لتفقده أبديته. وتجلب له حروباً خارجية لا يضمن هل سيصمد أمامها أم لا.
المهم ان تبعد عن الحرب الخارجية ومسبباتها. ولا تقع فيها بارادتك.
ہ ہ ہ
ان هناك عثرات تستهوي الانسان. فيحوم حولها كما تحوم الفراشة حول النار.
تظل الفراشة تحوم حول النار حتي تحترق.. مع انها تري فراشات كثيرات قبلها حتي احترقت بالنار. الا انها لا تهدأ حتي تحترق مثلها.. هكذا الانسان فيما يحوم حول العثرة إلي ان يضيع كما ضاع أمثال له من قبل...
قد يوجد من يعثرك ويسقطك. ثم يفلت هو وتضيع انت. وقد يمكنه هو أن يتوب. وتجد أنت صعوبة في التوبة! لذلك احرص بكل قوتك وبكل عمل النعمة فيك. ان تبعد عن الأمور المتعثرة. وتهرب بذلك من كل حرب خارجية علي قدر طاقتك.
ہ ہ