هل أنزل الله الإنجيل المقدس على المسيح إنزالاً، أم أن السيد المسيح هو كاتب الإنجيل؟
- إن الإنجيل المقدس لم ينزل مكتوباً كما يعتقد البعض، كما أن المسيح لم يكتبه. فالإنجيل المقدس كتب بواسطة رجال الله القديسين، أي تلاميذ يسوع المسيح ورسله الأبرار. أنهم كتبوا مقاصد الله وتعاليمه تماماً كما أوحي إليهم من الله أن يكتبوا. ويقول الكتاب المقدس: "لأنه لم تأت نبوة فقط بمشيئة إنسان، بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس" (2بطرس 1:21). ويقول أيضاً: "كل الكتاب هو موحىً به من الله، ونافع للتعليم والموبيخ للتقويم والتأديب الذي في البرّ، لكي يكون إنسان الله كاملاً متأهباً لكل عمل صالح" (2تيموثاوس 3:16 و17). وهكذا نرى أن الإنجيل المقدس كتبه رجال الله القديسون مسوقين من الروح القدس، ولم يُنزل إنزالاً كما يعتقد البعض، كما أن المسيح لم يكتبه. ولكن الإنجيل المقدس كله يدور حول شخصية المسيح وتعاليمه وخلاصه وفدائه.
+ ما معنى كلمة رسول، ومن هم الرسل الأوائل، كم كان عددهم وكيف تمّ اختيارهم؟
- إن كلمة رسول بحدّ ذاتها تعني الشخص الذي يُرسل لغرض معين. فإذا أرسلت رسالة مع شخص إلى شخص آخر، فحامل الرسالة هو الرسول. وبالمعنى الروحي، الرسل هم أناس أرسلهم الله لإيصال رسالته إلى بني البشر.
+ هل كان الرسل بشراُ مثلنا، أم أنهم كانوا يتمتعون بصفات إلهية؟
- لم يتمتّع الرسل بصفات إلهية، بل كانوا بشراً، مثلي ومثلك. ولكن الله اختارهم لخدمته، واستخدمهم لنشر رسالة الخلاص بين الناس، تماماً كما يستخدم أي إنسان آخر لخدمته في هذه الأيام.
+ هل نستطيع معرفة عدد الرسل، أي رسل المسيح الأوائل وما أسماؤهم؟
- يشير الكتاب المقدس إلى أن عدد الرسل الأوائل كان اثني عشر رسولاً أو تلميذاً، فيقول: "وأما أسماء الاثني عشر رسولاً فهي هذه: الأول سمعان الذي يُقال له بطرس، وأندراوس أخوه، يعقوب ابن زبدى، ويوحنا أخوه، فيلبس وبرثلماوس، توما ومتى العشار، يعقوب بن حلفي ولباوس الملقّب تدّواس.، سمعان القانوني ويهوذا الإسخريوطي الذي أسلمه" (متى 10:2-4). هذه أسماء الاثني عشر رسولاً الذين اختارهم يسوع لحمل رسالته والكرازة بها للعالم أجمع.
+ ذُكر أن عدد رسل المسيح الأوائل كان اثني عشر تلميذاً أو رسولاً، فهل هناك سبب خاص دعا المسيح لاختيار اثني عشر تلميذاّ فقط؟
- إن سبب اختيار الاثني عشر تلميذاً أو رسولاً، هو أنه عندما تجمّع اليهود لأول مرة في أمة واحدة في العهد القديم، كانت تلك الأمة مكوّنة من اثني عشر سبطاً. ولما دعا المسيح اثني عشر رسولاً من هذه الأمة، أوصاهم أن يذهبوا إلى الأمة كلها، أي إلى أمة بني إسرائيل الضالة لهدايتها.
+ ولكن واحداً من الرسل خان سيّده وأسلمه ولم يعد رسولاً فيما بعد، هو يهوذا الإسخريوطي وبذلك أصبح عدد الرسل أحد عشر رسولاً وليس اثني عشر، أليس كذلك؟
- نعم، ولكن بعد خيانة يهوذا، لم يبْقَ عدد التلاميذ أحد عشر تلميذاً، لأن التلاميذ اجتمعوا واختاروا رسولاً آخر بدل يهوذا هو "متياس". وبذلك أصبح عدد الرسل ثانية اثني عشر.
+ هل اقتصر عدد الرسل على اثني عشر رسولاً؟
- بالطبع لا، فبالإضافة إلى الاثني عشر، أصبح عدد الرسل فيما بعد سبعين رسولاً، ثم سبعمئة ثم غيرهم. وقد حمل هؤلاء رسالة المسيح إلى العالم أجمع، وجالوا مبشّرين بالكلمة من أقصى الأرض إلى أقصاها.
+ لماذا اختار المسيح تلاميذه من عامة الشعب؟ هل لأنهم كانوا يحملون شهادات علمية أو مؤهلات خاصة تؤهلهم للتلمذة؟
- لم يختر المسيح تلاميذه لأنهم كانوا يحملون مؤهلات أو شهادات علمية تؤهلهم للتلمذة، رغم أن بعضهم كان متعلماً. فعندما دعاهم الرب، كان بعضهم صيادي سمك مثل سمعان بطرس، وأندراوس، ويعقوب بن زبدي ويوحنا أخاه. أما متّى فكان عشاراً وهكذا. فعندما رأى يسوع سمعان بطرس وأندراوس يلقيان شباكهما في البحر "قال لهما: هلمّ ورائي فأجعلكما صيّادي الناس" (أي كارزين بالكلمة) (متى 4:19). فللوقت تركا الشباك وتبعاه. وهكذا نرى أن الخدمة لا تقتصر على أصحاب الشهادات وذوي المؤهلات، بل كان واحد يمكن أن يكون تلميذاً وخادماً للمسيح. ولا شك أن المسيح اختار تلاميذه من عامة الشعب، لنأخذ منهم العبرة أن غير المتعلّم يصلح للخدمة أيضاً.
+ طالما أن كل فرد يستطيع أن يكون تلميذاً للمسيح وخادماً لملكوته، فلماذا سُمي خدام الإنجيل في عصرنا الحاضر رسلاً؟
- لا شك أن كل من يخدم الله ويحمل رسالة المسيح هو تلميذ للمسيح، رغم أنه لا يسمى رسولاً في الوقت الحاضر. وذلك يرجع إلى أن الرسول كان لا يسمى رسولاً، إلا إذا عاصر المسيح أو رآه بعينيه. ومن المُلاحظ أنه يُشار عادة إلى القرن الأول للميلاد بأنه "عصر الرسل"، وذلك لأن تلاميذ يسوع والكارزين باسمه في ذلك العصر عاصروا المسيح أو رأوه وقد دعي بولس الرسول لأنه رأى الرب أيضاً عند اهتدائه على طريق دمشق. فنقرأ في رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس: "ألست أنا رسولاً، ألست أنا حراً، أما رأيت يسوع المسيح ربنا؟" (1كورنثوس 9:1). ونستطيع أن نقول إن عصر الرسل انتهى بموت الرسل.
+ لاحظنا مما تقدم، أن المسيح اختار أولاً اثني عشر تلميذاً ليعلموا بين اليهود ويبشّروهم ويبعدوهم عن ضلالهم، فهل بقيت رسالة المسيح آنذاك مقتصرة على اليهود؟
- كلا، لم يقتصر عمل الرسل على اليهود فحسب، بل تعدّاه إلى جميع الناس بحسب قول المسيح لهم: "فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس، وعلّموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به" (متى 28:19-20). وقوله أيضاً: "اذهبوا إلى العالم أجمع، وأكرموا بالإنجيل للخليقة كلها. من آمن واعتمد خلص، ومن لم يؤمن يُدن" (مرقس 16:15-16). لقد كان المسيح نوراً للأمم، كما ورد عنه في نبوة إشعياء: "أنا الرب قد دعوتك بالبر فأمسك بيدك وأحفظك وأجعلك عهداً للشعب ونوراً للأمم" (إشعياء 42:6). وأيضاً كما قال المسيح عن نفسه: "أنا نور العالم من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة" (يوحنا 8:12). جاء المسيح لخلاص الناس من الخطية الشر، وقد حمل الرسل رسالة المسيح إلى العالم أجمع، فآمن كثيرون بفضل عملهم وكرازتهم. وكما شهد الرسل للمسيح، يستطيع كل واحد فينا أن يشهد له أيضاً في حياته ومجتمعه.
+ موضوع صليب المسيح
عندما نتحدث عن الصليب فإننا لانقصد الخشبة التى صلب عليها السيد المسيح أو المعدن الذى يلبسه بعضهم على صدورهم ، وإنما نقصد عمل الفداء الذى أتمه السيد المسيح الذى صلب من أجلنا .
فلقد مات من أجلنا دافعاً عنا ثمن خطايانا وآخذاً عنا عقابنا الذي نستحقه بسببها ، ألا وهو الهلاك الأبدي في الجحيم ، فالصليب هو تعبير عملي قوى عن محبة الله لنا نحن البشر ، تقول كلمة الله " ولكنّ الله بين محبته لنا لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا " ( رومية 5 :8 ) ، كما قال السيد المسيح نفسه " لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل أبنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية " ( يوحنا 3 : 16 ) ، إذاً فتعلقنا بعمل الفداء الذي أكمله السيد المسيح على الصليب هو تجاوب إيجابي منا مع محبة الله المعلنة لنا ، فهذا العمل فخر لكل مؤمن حقيقي يدرك قيمة صلب المسيح ،فلولا صليب المسيح ( أي صلبه ) لما أمكن لنا أن نقترب إلى الله وأن تكون لنا علاقة معه ، تقول كلمة الله " ولكن الآن فىالمسيح يسوع أنتم الذين كنتم قبلاً بعيدين صرتم قريبين بدم المسيـح " ( أفسس 2 : 13 ) ولبقينا في عداوة مع الله بسبب خطايانا ، يقول الكتاب المقدس عن الله " وأن يصالح به ( بالمسيح ) الكـل لنفسـه عامـلاً الصلـح بـدم صليبه " ( كولوسى 1: 20 ) . ولقد أفتدانا أيضاً يسوع مما يسميه الكتاب المقدس " لعنة الناموس " أى اللعنة التى يستحقها الإنسان بسبب كسره لوصايا الله وشريعته وناموسه والتى يهلك بسببها فى الجحيم ، تقول كلمة الله " ... المسيح أفتدانا من لعنة الناموس إذ صار لعنة لأجلنا لأنه مكتوب : ملعون كل من علق على خشبة " ( غلاطية 3: 13 ) .
وهكذا فقد أخذ المسيح مكانى لكى أخذ مكانه وأصبـح كامـل الـبر أمـام الله بفضـل المسـيح علـىالصليب تقــول كلمـة الله " لأنـه جعـل الذى لم يعـرف خطيـة ( أى المسيـح ) خطيـة لأجلنـا لنصــير نحن بر الله فيـــه " ( 2كورنثوس 5: 21 ) لهذا يقول بولس رسول السيد المسيح بكل ثقة " فحاشا لى أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح " ( غلاطية 6 :14 ) لقد رأى بولس إلتقاء العدل الإلهى بالرحمة على الصليب ، وأدرك بإيمانه فيه أن خطاياه قد غفرت وأنه قد تبرر وتطهر وتقدس بدم المسيح الذى سال علىالصليب . إن كثيرين يحاربون الصليب لأنهم لا يفهمونه عل حقيقته ، يحاربونه مع أنه أملهم الوحيد فىالخلاص من العذاب الأبدى والحصول على الحياة الأبدية ، فالصليب هو الطريق الوحيد الذى إختاره الله لفداء البشرية ، تقول كلمة الله " فإن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة وأما عندنا نحن المخلصين فهى قوة الله للخلاص " ( كورنثوس الأولى 1 : 18 ) .
أعود فأؤكد بأننا لا نقدس الخشبة التى صلب عليها السيد المسيح ولا نعبدها ، بل نحن نعظم ونمجد السيد المسيح المصلوب لأجلنا ، ولو كنا نمجد أداة الصلب لتحولنا إلى عبّاد أوثان ، وهذا مالا نفعله أو نرضاه ، إننا نقدر إحسان المصلوب إلينا ومعروفه معنا ، ولهذا فإننا نفتخر بشخصه وعمله على الصليب من أجلنا ، فالصليب يذكرنا بعظم خطايانا وقسوتها وبشاعتها ، تلك الخطايا التى دعت إبن الله يموت من أجلها وهكذا أشتركنا جميعاً فى صلبه ، إننا نتذكر أيضاً محبة الله غير المحدودة لنا وأستعداده للتضحية بإبنه من أجلنا .
إن نعمة الله مقدمة لنا مجاناً فى صليب المسيح ودمه الذى يغسل خطايانا ويطهرنا من كل إثم ، وإن رفضنا لهذه النعمة إحتقاراً لله نفسه ، تقول كلمة الله " فكم عقاباً أشر تظنون أنه يحسب مستحقاً من داس إبن الله وحسب دم العهد الذى قدس به دنساً وأزدرى بروح النعمة ؟ " ( عبرانيين 10 :29 ) .
فهل نحن مستعدون لقبول الصليب طريق الغفران الوحيد المقبول لدى الله ، أم سنرفضه ونقبل دينونة الله ؟