التفكير النظرى هو مجرد فكر بلا خبرة، بلا دراسة ميدانية للواقع وما فيه.. يتخيل هذا التفكير أن الأمور تسير طبيعية جدا بلا معطلات في الطريق..! تسير حسب قوانين معينة يضعها هذا المفكر في ذهنه.
تماما مثل شخص يقول أن المسافة في البحر بين بلدين هى كذا ميل. فإذا سافرت السفينة بسرعة معينة، تصل في كذا يوم وكذا ساعة.. ثم تنزل السفينة في الواقع العملي، وقد تصدمها الأمواج والرياح فلا تستطيع الحركة، وربما تقاوم بصعوبة وتغير اتجاهها.. وتصل بعد أيام، أو لا تصل!!
إن الواقع العملي مملوء بالعوائق والمعطلات التي لا يعرفها إلا من اختبر الحياة العملية في تفاصيل تفاصيلها.
المفكر النظري يجلس على مكتب ويكتب أفكاراً، مجرد أفكار.. وقد يتعجب لماذا لم تنفذ!! وربما ينتقد ويلوم، وربما يصل به الانتقاد إلى حد الاتهام..! على الأقل اتهام غيره بالتقصير والتهاون وعدم المعرفة!!
وفى اتهاماته النظرية، لا يدرى شيئاً عن العوائق العملية، وعلى رأى المثل "ويلٌ لعالم أمرٍ من جاهله".
فلو علم هذا المفكر بطبيعة الجو، وبالنتائج العملية وبالعقبات، ربما صحح الكثير من تفكيره..
إن عائقا وحيدا، ربما يقلب خططا كثيرة حكيمة..
والإنسان العملي، الذي اصطدم بالواقع وجرب الحياة، يدرك تماما أن الأمور لا تسير وفق خططه وحسب هواه.
إنه خبير بالأرض التي يمشى عليها.. يفترض بعض خططه، فإن هذا أيضاً موضوع في حسابه (اقرأ مقالاً آخر عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات).. وكل فشل يقابله يزيده حنكة وخبرة، ويجعل تفكيره المقبل أكثر واقعية..
المفكر النظري قد يظن إن الإصلاح يتم بإصدار مجموعة من الأوامر والقرارات.. أما المفكر العملي، فيسأل ماذا عساها تكون فاعلية هذه القرارات..
وإذا اصدر قرارا يتابعه عمليا، ليرى خط سيره، هل سار طبيعيا، أم توقف؟ وما الذي أوقفه؟ وما علاجه؟ وهل يحتاج القرار إلى تعديلات؟
يا أخي، لا تكن نظريا في تفكيرك، ولا تنتقد غيرك بسرعة، بل ادرس الواقع، وكن عمليا..