وُلِدَ القديس إليان في مدينة حمص في القرن الثالث الميلادي من أب يُدعى( كنداكيوس) من عباد للأصنام ومن أعيان وذو مركز كبير في المدينة ومن أم تُدعى ( أخثسترا ) يُقال أنها من أصل يوناني حيث يعني اسمها ( سمكة النجوم ) وكانت على درجة عالية من الوداعة وحُسْن التربية .وكان ابنهم يُدعى ( يوليان ) واعتنت بتربيته مربيّة تُدعى ( مطرونة ) وكانت مسيحية وبدأت تعطيه مبادىء المسيحية سِرّاً دون علم أهله .
وعن طريقها كان يزور الناسك القس الطبيب ( إيباتيوس ) عند نبع الهرمل ـ شمال غرب حمص ـ وكان يُسَمّى ناسك (الأورانتس ) الذي يعني نهر العاصي ويحفظ منه أسرار الدين المسيحي وأيضاً يجتمع مع أسقف حمص ( سلوانس ) (2) وتلميذه لوقا والقارىء موكيوس .
كان إليان مسروراً جداً بالحياة العسكرية التي أكسبته بنية قوية ومتانة عضل وشجاعة قلب ، وقد رأى في زياراته المتكررة للناسك أن يكتب لوالده كي يسمح له باعتزال الأعمال العسكرية ليتفرّغ لتحصيل العلوم الطبية ، فسمح له بذلك فتفهّم معلومات طبية جديرة بالتقدير بفترة قصيرة فمارس الطب بمهارة فائقة وكان يحرص على شفاء المرضى ومعالجتهم بمحبة المسيح وإيمان الرسل وهذا ماتدل عليه أيقونته الرسمية وهو بلباس الفرسان الرومانيين يمتطي الخيل ويحمل في يده اليسرى رمحاً وبجانبه الهاون والمطرقة الذي يدل على انه طبيب .
فاشتكى أطباء حمص إلى والده وقالوا له : ( إن إبنك يُبَشِّرْ باسم إله النصارى ويهزأ بآلهتنا فكيف ترضى بذلك ولو علم الإمبراطور لغضب عليك.
كان إليان رجلاً مؤمناً يضع كل رجائه بالسيد المسيح غير مكترث بمغريات هذا العالم الفاني وكان يصلّي ليلاً ونهاراً ويتمسّك بالصوم ويقوم بأعمال الخير فيعالج المساكين ويوزع عليهم كل ما يقع بيده من مال أبيه .
وفي عام 284 عندما أمر الإمبراطور ( نوميريان ) باضطهاد المسيحيين في جميع أرجاء الإمبراطورية . اضطر معظم أهالي حمص إلى ترك عبادة الإله الحقيقي واتبعوا الديانة الوثنية غير أن إليان كان من القلائل الذين لم يخفهم الاضطهاد فبقي محافظاً على إيمانه المستقيم وكان من بين الذين لم يحيدوا عن عقيدتهم الأسقف سلوانس وتلميذاه لوقا وموكيوس .وعرف والد إليان بأنهم يبشرون بدين المسيح فألقى بهم فريسة للوحوش فاستشـهدوا بتاريخ
10/آذار / 284 .
بدأ إليان بعد استشهاد رفاقه يُظهِر علانية احترامه لهم ويجهر بإيمانه ويهاجم الأصنام ، فأمر والده الجنود بالقبض عليه . بقي إليان في السجن أحد عشر شهرا ًكان خلالها يحث كل الذين يأتون اليه على ترك عبادة الأصنام واللحاق بالسيد المسيح . فأغاظ هذا التصرف والده فنفذ صبره وقرّر تعذيبه وقتله ، فسلّمه إلى الجلاّدين فقادوه إلى شرقي المدينة وقيدوه بالحبال وحلقوا شعره ثم غرزوا اثني عشر مسماراً طويلاً في رأسه ويديه وقدميه .
وعندها صـرخ: ( اسبّحك يا إلهي الساكن في السماء والأرض ..... اعطني القوة لأتحمّل مرارة هذا العذاب وأغمي عليه ، فتركه الجلادون وانصرفوا ظنّاً منهم انه مات . أما اليان فكان حياً وما لبث أن جمع قواه وتمكّن من جرّ نفسه إلى مغارة قريبة كانت مصنعاً لفخّاري مسيحي وعندما دخلها مجّد الله قائلاً " أشكرك يا إلهي الذي أهّلتني لهذا العذاب من أجل اسمك القدّوس " ثم أسلم الروح وكان ذلك في 6/ شباط /285 . وبعد يومين أخذ الفخّاري جسد القديس ووضعه في كنيسة ( الرسل والقديسة بربارة ) .
تعيّــد له الكنيسة الأرثوذكسية في السادس من شهر فبراير.