إن أبانا بورفيريوس القديس أسقف غزة نشأ من مدينة تسالونيكي على عهد الملكين أركاديوس و أورنوريوس. و كان أبواه غنيين شريفي النسب، فترك وطنه و أبحر إلي مصر و إقتبل إسكيم العيشة الرهبانية في دير السيق فيها، و بعد أن أقام فيه مع رهبانه الأبرار خمس سنوات، جاء إلي أورشليم، و جاور الأماكن المقدسة، ثم أرسل تابعه مرقس إلي تسالونيكي مصحوباً برسائل فجاءها و بمقتضى تلك الرسائل إقتسم التركة الشائعة بحق الإرث بين بورفيريوس و إخوته. ثم باع حصته من العقارات و أحضر له ثمنها ثلاثة آلاف دينار مع فضة و ذهب و ثياب بقيمة ألف و أربعماية دينار، فاستلمها بورفيريوس البار منه، ثم أخذ يوزعها على الفقراء و الأديرة. و كان بورفيريوس قبل مصاباً بمرض في الكبد، فوجده تابعه بعد عودته صحيحاً معافىً. فسأله عن طريقة شفائه، فأجابه إني فيما كنت في صلاة أغرينية القيامة المقدسة أصابني ألم شديد لا يطاق، فصعدت إلي مكان الجمجمة المقدسة، و إنطرحت على الأرض، و غبت عن الرشد. فرأيت، و أنا على تلك الحالة، المخلص معلقاً على الصليب، فأخذت أهتف نحوه بصوت اللص قائلاً: أذكرني يارب في ملكوتك، فقال المخلص للص: إنزل من على الصليب، و خلص ذاك الطريح كما خلصت أنت، فنزل و احتضنني و قبلني، ثم مد إلي يمناه و أنهضني قائلاً: تعال إلي المخلص، فنهضت و هرعت إليه ركضاً، فرأيته ينزل عن الصليب قائلاً لي: خذ قطعة الخشب هذه و احتفظ بها، فأخذتها و حملتها ، فعاد إلي رشدي، و لم يعد يصيبني ألم. و كان هذا البار متضلعاً في المعرفة و الحكمة، يبكم اليهود و اليونان أي الوثنيين و الهراطقة في المناظرات، و مزيناً بكل نوع من الفضيلة. وكان يتعاطي صناعة السكافين يغسل جلوداً و نعالاً و يخيطها. ثم سامه إبرائيليوس بطريرك أورشليم قساً، و له من العمر خمس و أربعون سنةً، و أناط به حفظ عود الصليب الكريم، فتمت له بذلك الرؤيا التي رآها قبل. و كان طعامه الخبز و الخضار يفطر بها بعد غروب الشمس. ثم بعد ذلك بسنة، توفي إيرينيون أسقف غزة، فجاء أهلها إلي يوحنا مطران قيصارية فلسطين يطلبون منه أسقفاً، فأمر الشعب بصوم لهذه الغاية، فأوحى اليه بإنتخاب بورفيريوس، و في غضون ذلك رأى بورفيريوس المغبوط في الحلم الرب يقول له سلم الوديعة التي أستودعتكها، فإني أريد أن أزوجك بإمراة وضيعة و لكنها حسنة السلوك. فطلبه يعيد ذلك يوحنا مطران قيصارية من إبرائيليوس بطريرك أورشليم بعلة لزومه لحل معضلة كتابية، فأرسله إليه، فلما جاءه، سامه في الحال أسقفاً لغزة، و هو يبكي خشوعاً و مهابةً، فأخذه أهل غزة و جاؤوا به إلي كنيسة القديسة إيريني التي كان سلفه إيرينيون قد بناها. و بعد دخوله إلي غزة حدث قحط بانحباس المطر، فنسب اليونان(أي الوثنيون) السبب إلي بورفيريوس البار زاعمين أن إلههم مارنا أوحى إليهم بأن بورفيريوس الأسقف هو ذو قدم شؤم و نحس، ففرض هو على المسيحيين صلوات ليلية، و أخذ يصلي و يرتل معهم، متضرعاً إلي الرب من أجل ذلك ، فأرسل الرب و ابلاً هطالاً جعل كثيرين من اليونان يؤمنون قائلين: المسيح هو إله حقاً و لم يغلب إلا هو. و كان عدد الذين آمنوا إذ ذاك مائة و سبعة و عشرين رجلاً و أربعة صبيان. و إذ كان حكام غزة أيضاً وثنيين، كان المسيحيون يكابدون عذاباً و أضراراً عظيمة. من ذلك أنه أرسل باروخاس أتباع القديس برفيريوس يوماً إلي قرية في إقتضاء راتب كنائسي، فمانعه فلاح يوناني مقاوماً، و أثار هيجاناً، فتجمهر اليونان و أوسعوا باروخاس ضرباً أليماً حتى الموت. فمر كورنيليوس الشماس ، و إذ ررآه بين حي و ميت، حمله و أتى به المدينة، فبلغ الخبر إلي القديس بورفيريوس فأسرع ركضاً، و أخذ يلاطف الثائرين، و يتوسل إليهم حتى تمكن بعد الجهد من إخماد غيظهم و تسكين خواطرهم. ثم أعادوا الكرة فتشددت عزائم باروخاس البار الذي كانوا يظنونه ميتاً، فتناول قطعة خشب وهجم عليهم، فهزمهم مطارداً حتى هيكل مارنا.
أما بورفيريوس البار فأرسل إذ ذاك يعلم الملك بالحال بواسطة البار يوحنا الذهبي الفم بطريرك الإسكندرية متوسلاً إليه و راجياً إقفال معابد الأصنام و تعطيلها. فأرسل الملك مأموراً اسمه إيلاريوس مصحوباً بأوامر ملوكية، فأقفل كل معابد الأوثان ما عدا هيكل مارنا فإنضه ارتشى بمبلغ وافر من النقود، فتركه مفتوحاً، فلبث اليونان يقدمون فيه ذبائحهم الفظيعة. ثم حدثت معجزة عظيمة و هي أن إمراة تصعبت في ولادتها لاتخاذ الجنين حين الولادة وضعاً غير طبيعي و خروج يده قبل رأسه. فحضر أطباء و سحراء يونانيون كثيرون ول م ينفعوا المرأة بشيء حتى أشرفت على الخطر، و كانت مرضعتها و هي أمرة مسيحية تذهب في أثناء ذلك إلي الكنائس تصلي و تضرع إلي الله. فرآها القديس بورفيريوس و علم منها سبب ضراعتها فقال لها: إن بيت المرأة المصابة مملوء بالأصنام فامضى إلي أهله، و اطلبي منهم أن يعاهدوا من هو مزمع أن يشفيها على أنهم يجرون أوامره. و متى رفعوا أياديهم إلي السماء تأكيداً لعهدهم قولي للمرأة المصابة:" ليشفك يسوع المسيح إبن الله. آمنى به تخلصي". فمضت المرضعة و فعلت و قالت كما أمرها، فنزل الطفل في الحال حياً. فانذهل الحضور كلهم و صرخوا :" عظيم هو إله المسيحيين، و عظيم هو كاهنهم بورفيريوس". ثم بعد أيام قليلة عمد بورفيريوس المرأة و أبويها و زوجها و كثيرين من أهلها و كذلك الطفل داعياً اسمه بورفيريوس و كان عدد المتعمدين أربعة و ستين شخصاً.
ثم إذ رأى هذا القديس الوثنين يضطهدون المسيحيين و يجورون عليهم استصحب مطرانه يوحنا، و أبحر إلي القسطنطينية. و لما وصلا إلي جزيرة رودس وجدا في مؤخرتها متوحداً البار بروكوبيوس رجلاً قديساً بعيد النظر لا تفوته معرفة الغيب، فحالما رآهما عرفهما فخر لهما ساجداً. ثم أخبراه بسبب ذهابهما إلي العاصمة فقال لهما: إن الملكة تمقت البطريرك يوحنا الفائق البر، فلا يمكنه أن يذكر هو نفسه عنكما شيئاً للملكة، و لكنه يوكل أمركما إلي أمانتيوس حاجبها، فيمثلكما لدى الملكة افدوكسية المعظمة، و هي الآن حبلى. ففي مقابلتكما الثانية لها قولا: إننا نرجو من المسيح إلهنا الحقيقي إن عضدت مسيحيي غزة أن يرزقك مولوداً ذكراً، و هذا هو الشهر التاسع لحبلها. و لما بلغا بزنطية قابلا يوحنا الذهبي الفم و قدما له إحترامهما، و أخبراه بحالهما و سبب حضورهما، فوكل أمرهما إلي أمانتيوس الحاجب، فأعلم الملكة بما يقتضى، ثم مثلهما لديها فقبلتهما بانعطاف و بشاشة،ثم أعلمت الملك طالبةً طرد الوثنيين. أما الملك فشق عليه ذلك لوفة الضرائب التي كان يجبيها منهم. ثم في إمتثال الأسقفين الثاني لدى الملكة بشراها حسب نبوة بروكوبيوس الناسك البار بأنها مزمعة أن تلد ذكراً، فسرت الملكة بسماع ذلك ووعدتهما بقضاء غرضهما تماماً و ببناء كنيسة في وسط مدينة غزة، ثم ولدت إبناً هو ثاودوسيوس الصغير، فاستدعت الأسقفين فحضرا، و بعد أن باركاها أشارت عليهما بأن يكتبا عريضة تتضمن كل مطالبهما، و متى نال الصبي سر المعمودية المقدسة أن يعطيا العريضة لحاملة و هو خارج به من الكنيسة، ففيما كانوا خارجين بالطفل من الكنيسة بعد أن نال سر المعمودية خر الأسقفان ساجدين للملك العظيم ثاودوسيوس الصغير، و ناولا حامله العريضة، و كانت الملكة قد أمرته ماذا يفعل. ففتحها وقرأ جزءاً منها، ثم أمسك بيده رأس الطفل و حناه قليلاً على مرأى من الجميع و قال قد أمرت جلالتهما بإتمام ما في العريضة، و لما وصلوا إلي البلاط استقبلت الملكة الطفل و الملك و قبلتهما، و طلبت أن تتلى العريضة فتليت فقال الملك: إن الطلب ثقيل و لكن الرفض أثقل، لأنه أول أمر صدر من إبننا. فقال الملكة أفدوكسية: لا لأنه أول طلب فقط، بل لأنه طلب يتعلق بالتقوى و حسن العبادة أيضاً، و قد جرى على هذا الوجه، فقبل الملك و أصدر خطاً إليهاً أرسل مع الكونت كينيجيوس من رجال دار الندوة، و كان رجلاً حار الإيمان. و قبض بورفيريوس المغبوط من الملكة مائتي قطعة ذهبية لبناء الكنيسة، و قبض كل من بورفيريوس و يوحنا مطران قيصارية مائة دينار لنفقته، ثم عين لكل منهما من أموال فلسطين عشرون ليتراً ذهباً ، و هكذا و دعاهم جميعاً و أبحرا راجعين.و لما وصل إلي رودس، أرادا أن يزورا بروكبيوس البار فلم يسمح لهما ربان السفينة بذلك، لأنه كان هرطوقياً على غير علم منهما. فأقلعا بالسفينة، منها و أبحرا، و كان الهواء جيداً، و البحر رائقاً. ثم بعد يومين حدث نوء هائل جعلهما ييأسان من الحياة، فأخذا يصليان متضرعين إلي الله و مستغيثين بصلوات القديس بروكوبيوس الناسك. فظهر بروكوبيوس البار لبورفيريوس المغبوط في الحلم عند الفجر و قال له:" عظا ربان السفينة و اختماه، فإنه آريوسي المعتقد، و لذلك لم يسمح لكما بزيارتي. فاجعلاه يلعن آريوس و بدعته الوخيمة، فيهدأ النوء في الحال". فأخبرا الربان بما كان فأقر و لعن آريوس، و بعد أن إختتم و اتعظ، تناول الأسرار الإلهية، فانكف النوء في الحال، و هدأ البحر، فوصلا في أربعة أيام إلي مايوما، حيث إستقبلهما أهل المدينة و باقي المدن و القرى بالتراتيل.و لما دخل الأسقف المدينة و بلغ المكان المدعو تترامفودوس( مفترق الطرق)، حيث كان منصوباً على عمود تمثال أفروديتي( الزهرة) من الرخام بادي العورة كلها يخدع الرجال و النساء، خرج روح الجن الذي فيه، فسقط و تحطم متكسراً، و حطم اثنين من اليونان الذين كانوا هناك، لأنهما كانا واقفين يهزءات بالشعب المسيحي و يسخران به، فآمن من اليونانيين بسبب ذلك إثنان و ثلاثون رجلاً و سبع نساء. ثم وصل الكونت عاجلاً و معه وزير و أمير و أعوان عسكريون و ملكيون، فهدموا معابد الأصنام أخصها ثمانية: و هي معبد بعل أو الشمس و معبد أفروديتي و معبد أبولون و معبد كوري و معبد إيكاتي و معبد إيروس و معبد تيخي و معبد زفس الكريتي مولداً، و كانوا يعتبرونه أعظم و أفضل الهياكل كلها، ثم هدموا معابد الأصنام في البيوت و كانت أكثر من أن تعد. و إذ رأى اليونان ذلك انتحبوا باكين و مولولين، فأعمل الرؤساء فيهم الضرب بالعصى و النبابيت، أما القديس بورفيريوس فكان قد حرم في الكنيسة كل مسيحي ينهب من معابد الأصنام شيئاً من ذهب كان أو فضة. فقضوا عشرة أيام في حرق الأصنام و معابدها، ثم أخذوا يفتكرون بأمر هيكل مارنا كيف يتصرفون به، أيهدمونه أم يحرقونه، ثم يطهرونه لكي يجعلوه بيتاً لله. فصاموا و عقدوا اجتماعاً في الليل للصلاة، فصاح في أثناء ذلك بغتة من بين الشعب ولد كان واقفاً مع أمه وله من العمر نحو سبع سنوات و قال: أحرقوا الهيكل الخارجي حتى الحضيض، فقد جرت فيه فظائع كثيرة، لا سيما تضحية البشر، و ليكن حرقه على هذه الطريقة أي جيئوا بقطران و كبريت و شحم خنزير و اخلطوا الثلاثة معاً و اطلوا أبوابه النحاسية وضعوا عليها النار فيحترق كله، و ليس في الإمكان هدمه بغير هذه الطريقة. و أما الهيكل الخارجي فدعوه مع ما يحيط به، و بعد أن تنظفوا المكان و تطهروه، ابنوا فيه كنيسة مقدسة، و قال أيضاً: أناشدكم الله أن لا تعلموا غير ما قلت، فلست أنا المتكلم بل المتكلم بي هو المسيح، و قد قال هذا الكلام كله باللغة السريانية، فلما بلغ الأسقف ذلك مجد الله، ثم استحضر أم الصبي و قال لها: أبتلقين منك قال الصبي ما قال، فأقسمت أنها لم تلقنه شيئاً من ذلك، ثم استحضر الصبي و تهدده مخوفاً، فصمت الصبي قليلاً ثم قال باليونانية ما قاله قبل عن حرق الهيكل بالسريانية، فذهل الحضور كلهم و مجدوا عظائم الله، أما الأم فقد أكدت بأقسام أنها لا تعرف لا هي و لا ابنها اللغة اليونانية أصالة، ثم أعطاها الأسقف البار ثلاث قطع من النقود، فأخذتها، فرآها ابنها ، فصاح بالسريانية قائلاً: لا تأخذي، يا أماه، لا تبيعي أنت أيضاً موهبة الله بذهب، فردتها للأسقف، و استعاضت عنها بالبركة و الدعاء، و كان تريبون و هو يوناني أي وثني في الحقيقة يتظاهر بالنصرانية يضرب بعض المسيحيين بالسياط بعلة قصده حفظ النظام، فسقطت على رأسه قطعة خشب و قتلته. فآمن بالمسيح في خلال ذلك ثلاثمائة نفس. ثم خطط الكنيسة على هيئة صليب، طبق الرسم الذي أرسلته الملكة افدوكسية. و في أثناء بنائها عطش يوماً ثلاثة من الأولاد عمر كل واحد منهم نحو ست أو سبع سنوات فقصدوا البئر التي خارج الهيكل للاستقاء منها، فانكسرت الخشبة التي على فمها، فسقطوا إلي قاعها فحدث اضطراب عظيم ، فدلوا إليها رجلاً فوجدهم واقفين على حجر فيها فنشلوهم في قفة، و فحصوهم فلم يجدوا فيهم أثر هشم، بل وجدوا عليهم رسوم صلبان كأنها من حناء، الواحد منهم على جبينة و الآخر على يده اليمنى بقرب الأصابع و الآخر على كتفه اليمني. ثم حضرت من أنطاكية الي غزة أمراة اسمها يوليا (او جوليا) من تلامذة و معلمي بدعة ماني مصحوبةً برجلين و نساء . فأخذت تطوف و تعلم فأفسدت ضمائر البعض بقوة الشرف و المال، فلما بلغ الأسقف البار خبرها، استحضرها و استطلعها عن حالها فأقرت و قالت له: عين يوماً للمناظرة فإما تقنع أو تقتنع، فصام، ثم أخذ الإنجيل بين يديه، و ابتدأ يناظرها و يجادلها. و كان كورنيليوس الشماس يكتب ما تطارحه الطرفان في تلك المناظرة من الإعتراضات والردود، و قد جمعها في مؤلف خاص كما قال، و إذ تطاولت جوليا كثيراً بالتجديف على سيد الكل ربنا يسوع المسيح، إنتهرها القديس بورفيريوس قائلاً: ليضرب لسانك الرب الإله صانع كل البرايا المنظورة و غير المنظورة، الممجد في ثالوث، وليبكمك حتى لا تنطقي بكلام تجديف بعد على الله خالق كل الكائنات. فأصيبت في الحال بالخرس، ثم بعيد ذلك، ماتت، فبهت من كان معها من أتباع ماني و تابوا و آمنوا بالرب. ثم بعد خمس سنوات، دشن بورفيريوس البار الكنيسة المقدسة باحتفال عظيم، لم يشفق في النفقات عليه على النقود، فأولم لكل الشعب و ألف من الرهبان في يوم الفصح المقدس وليمة كان يرتل فيها بعد الطعام مزمور و بعد الشراب تسبيحة. وكان يستضيف الغرباء القادمين إلي المدينة مانحاً كلام منهم لنفقة يومه ستة فلوس، و أوصى بأن يعطى كل فقير إلي مدة أربعين يوماً بعد الفصح عشرة فلوس مخصصاً بذلك إيراد ضيعة وقفها، و أمر بأن تحال تلك الضيعة بطريقة شرعية إلي مطرانية قيصارية إن لم يقبل الأسقف الذي يخلفه في رئاسة كنيسة غزة بأن يوزع إيرادها طبق وصيته المذكورة.ثم وقعت حادثة سميسيخوس الحاكم، فإنه وقع بين المذكور و بين إيكونومس الكنيسة خلاف على ضياع نشأت عنه إهانة الأول، فثار أهل المدينة (اليونان) مع رجال دار الندوة، و أوقعوا بأبناء الكنيسة، حتى إضطر القديس برفيريوس أن يهرب ملتجئاً إلي بيت يختبيء فيه، فوجد جارةً إسمها سلافثا دعيت فيما بعد إيريني (سلام)، ثم أدب الحاكم و اسمه إكليروس الثائرين على الكنيسة فأعاد الهدوء و الراحة إلي المدينة، أما إيريني المذكورة فقد عمدها القديس بورفيريوس بعد ذلك مع خالتها و جدتها، فرفضت العالم و إعتنقت سيرة التوحد الإلهية. و بعد أن أقام بورفيريوس البار على كرسي أسقفية غزة عدة سنين، رقد بالرب، و ذلك في اليوم السادس عشر من شهر شباط، و كانت مدة أسقفيته عليها أربعاً و عشرين سنةً و أحد عشر شهراً و ثمانية أيام . فأنت أيها الإله، يا من مجد رئيس كهنته و عبده الأمين بورفيريوس و أعتق به شعبه من ضلال عبادة الأوثان وهداه إلي معرفة الحق، إنعطف الآن أيضاً بشفاعاته، بما أنك صالح و أنقذ كنيستك من ضلال كل هرطقة و سوء إعتقاد يسودان في العالم، فإنك إله تريد خلاص الكل، لك المجد و العزة إلي دهر الداهرين آمين