كانت صوفيا( تعني باليونانية : الحكمة ) من عائلة شريفة بأنطاكيا عاشت في مجتمع وثني فتزوّجت ورزِقَها الله بثلاث بنات أسمتهن بأسماء يونانية : الأولى بستس وتعني : الإيمــان والثانية هالبيس وتعني : الرجاء والثالثة أغابي وتعني المحبة . ولما توفي زوجها آمنت بالمسيح وربّت بناتها على التقوى ومخافة الله ثُم انتقلت إلى روما حيث أقامت مع بناتها وصارت تدعوالمجتمع الوثني إلى الإيمان بالمسيح .
كان الملك الوثني ترايانس في أوائل القرن الثاني الميلادي سنة (106 ) قد اضطهد المسيحيين فذهب ضحيته ألوف المؤمنين وبعد أن مات خلفه ابنه أدريانوس ( 117 ـ 137 )
فأمر بالكف عن ملاحقة المسيحيين ثم عاد بعد فترة إلى اضطهادهم .
علِمَ أدريانوس بتصرّفات صوفيا وبناتها وتبشيرها بالمسيحية فقبض عليها مع بناتها وأحضروهن أمامه وكانت بستس لا تتجاوز الثانية عشر من عمرها وهاليباس كانت ابنة عشرسنوات وأغابي طفلة ابنة تسع سنوات ، فبدأ يوبّخها أمام بناتها عن الأعمال التي ترتكبها
فقالت له : أنا مسيحية ، أعبد ربي وإلهي يسوع المسيح وهؤلاء الفتيات بناتي فلسن أقلّ مني في محبّتهم لله وقالت البنات لأمهن أمامه : لن نترك الإيمان بل نحن معك إلى النَفَسْ الأخير .
طلب الملك من ابنتها الكبيرة أن تعود إلى الوثنية فيزوّجها لأحد عظماء المملكة فقالـت له
بستس : أنا لا أسجد إلاّ لربّي يسوع المسيح أما هذه الحجارة فقد قال عنها الله في سفر المزامير : لها أعين ولا تُبصِر ، لها آذان ولا تسمع ، لها أنوف ولا تشمّ ، لها أيدي ولا تلمس ، لها أرجل ولا تمشي . إنني أصبح مجرمة إن لم أشهد لربي يسوع المسيح. فلما رفضت طلبه فأمر بقع رأسها أمام أمها وخواتها . ثم قدّموا له هاليبس فوعدها بالعطاءات مثل اختها فرفضت وقالت له : إن أختي بستس بدأت حياة جديدة في السماء وأريد أن أكون مثلها ، فأمر الجند بقطع رأسها أمام أمها وأختها الصغيرة . بعدها قدّموا له أغابي فطلب منها أن تعود إلى رشدها وتترك المسيحية فقالت له : عقلي وقلبي في محبة يسوع المسيح ،فأمر بقطع رأسها أمام أمّها فصلّت ورسمت إشارة الصليب قبل تنفيد الأمر .
لكي يزيد الملك في عذاب الأم صوفيا تركها ولم يأمر بقتلها لكي تقضي عمرها في البكاء على بناتها ، إلاّ أن صوفيا بقيت أمام الملك فنظرت لرؤوس بناتها وجثثهن أمامها فخارت قواها فوقعت عليهن جثّة هامدة لتكون هي وبناتها شهيدات الإيمان المسيحي.
والجدير بالذكر أن الإمبراطور قسطنطين الكبير قد أمر سنة 330 م ببناء كنبسة كبرى في القسطنطينية التي دشّنها ابنه سنة 360 وأسماها : ميغالي إكليسيا ( الكنيسة الكبيرة ) التي تعرّضت للحريق ، فإن الإمبراطور جوستنيان " Justinian أمر بإعادة بنائها سنــة 532م
ودشّنها في 27/كانون الأول/ 537 مع البطريرك ميناس واسماها آيا صوفيا(آجيا صوفيا ) أي الحكمة المقدسة تخليداً للقديسة صوفيا St.Sophia.
تُعَيّــد لها الكنيسة في 17 إيلــول من كل عام .
وبتاريخ 17 أيار 2010 وخلال مؤتمر صحفي في تسالونيك للأميركي كريس سبيرو رئيس الجمعية العالمية لكنيسة الحكمة المقدسة (آجيا صوفيا )(5) أعلن بأنه ستُقام رحلة حجّ في السابع عشر من شهر إيلول 2010 ـ الذي يُصادف عيد القديسة صوفيا ـ إلى كنيسة أجيا صوفيا في اسطنبول وأنه خلال هذه الزيارة ستُقام خدمة القدّاس الإلهي لأوّل مرّة بعد 557 سنة م من الحكم التركي للقسطنطينية عام 1453 م وقد أُعْلِمَ رئيس الوزراء التركي أردوغان بهذا الأمر من خلال المراسلات الرسمية .