هل الزواج يحل مشكلة العزلة الحقيقة أن إجابة هذا السؤال يمكن أن تكون بالسلب، ذلك لأن الزوجين يمكن أن يعيشا تحت سقف واحد، دون أن يكون ثمة اتحاد حقيقى بينهما، بل بالعكس تكون هناك مسافة شاسعة بينهما من الصعب اجتيازها!! ذلك لأن الزواج يجب أن يكون اتحاداً حقيقياً، وليس مجرد تعايش، أو حتى تعاطف!!
زواج التعايش :
هو مجرد اتفاق بين اثنين، ربما عن غير اقتناع كامل، أو قناعة كاملة، ففى أعماق أحدهما أو كليهما إحساس بالندم الدفين، أو بعدم الرضى الكامل عن هذه الشركة، ربما السبب يكمن فى طموحات أو ارتباطات عاطفية قديمة، للأسف لم تصل إلى مبتغاها! أو خلافات فى التأثيث والماديات! أو إحساس بإمكانية اختيار فضل! أو شكوك متعلقة بالماضى أو الحاضر! أو موافقة جاءت عن ضغط الأسرة أو الظروف أو كبر السن أو الخوف من افلات القطار أو تكرار فسخ الخطوبة!.. وهكذا يتفق الزوجان على "التعايش" تماماً كما تتفق الدول مختلفة الأنظمة على التعايش السلمى، فهو أفضل للطرفين من الدخول فى حرب، وهذا كله شئ آخر غير الحب، وغير الاتحاد.
زواج العاطفة :
ربما يستريح زوجان إذ يقولا: الحمد لله، فنحن لا نحيا على مستوى "التعايش" بل نحن نعيش "عاطفة" حب حار، منذ أيام ما قبل الخطوبة، وأيام الخطوبة، وحتى الآن! وهذا شئ طيب، ولكنه لا يكفى! لماذا؟ لأن العاطفة شئ بشرى، خاضع لإمكانيات البشر وطبيعة النفس الإنسانية لذلك فهى:
أ- غير ثابتة وغير دائمة.
ب- متقلبة، ويمكن أن تصير كراهية شديدة للأسف.
ج- أنانية، ذاتية، لا تحسن ولا ترغب فى العطاء دون مقابل.
من هنا فكثير من الزيجات التى بدأت بعاطفة مشبوبة، عمادها مشاعر نفسانية، وتعبيراتها مستمدة من الشاشة الصغيرة أو الكبيرة، سرعان ما تهاوت أمام أول اختبار:
فلوسى... وفلوسك!!
قريبك هذا... لماذا هذا الاهتمام به؟
فلان... أنا أعرف إنك كنت مرتبطة به، وتفضلينه عنى!!
لماذا أنت مهتم بفلانة؟!
وهكذا تمزق الغيرة والذاتية حياة الزوجين، وتتحول العاطفة إلى سراب، بل تنقلب إلى النقيض، ويرتد كل طرف إلى العاطفة الوحيدة البديلة وهى الأسرة الأصلية، ويجد كل طرف من أسرته أذناً صاغية، وعاطفة بديلة مشبوبة، وينتهى كل شئ.
الحب الزيجى :
من هنا كان الزواج على المستوى الإنسانى "سبب مزيد من العزلة وليس علاجاً لها، ومن هذا يصير الزواج على المستوى الإلهى" شيئاً آخر، ففيه اتحاد حقيقى وكيانى بالمسيح، أنه حب ثلاثى! فكل من الطرفين مرتبط بالمسيح، ومرتبط بشريكه فى المسيح، تماماً كأضلاع المثلث..
هذا هو الحب الحقيقى الصامد فهو:
1- حب كيان لكيان، ليس على مستوى الحسى أو العاطفة فقط، بل على مستوى الكيان الإنسانى كله.
2- حب روحى، ففيه فعل الروح القدس، والنعمة الإلهية، التى تخرج كل طرف من عزلته وأنانيته، وتدخل به إلى اتحاد صادق بالشريك.
3- حب ثابت، ثبات الله، الذى يبارك الشريكين، ويشبعهما من رسم نعمته كل يوم.
4- حب معطاء، فكل شريك يعطى شريكه، لا من عنده، بل من فيض الحب الإلهى المنسكب فى قلبه.
5- حب محتمل، يحتمل كل سلبيات الشريك وظروفه الصحية والنفسية والروحية، تماماً كما يحتملنا المسيح!
إن الخروج الحقيقى من العزلة لا يكون إلا بالاتحاد بالمسيح سواء للفرد الواحد، الذى يقترن بالرب من خلال البتولية، أو للزوجين، الذين يقترنان بالرب من خلال سر الزيجة. يسوع... هو الحل!