ليس عملك أن تخلع الزوان إنما أن تنمو كحنطة، حتى إذا ما جاء الحاصد العظيم يجد سنابلك مملوءة قمحا فيجمع منها ثلاثين وستين ومائة وتمتلىء اهراؤه حنطة.
السيد المسيح لم يضيع وقته في مقاومة أخطاء زمنه..
لم ينفق فترة تجسده على الأرض صراعا مع المخطئين ومشاكل المجتمع والكنيسة، إنما اهتم بالبناء بإرساء مبادئ جديدة وإعداد أشخاص يؤمنون بها وينشرونها في كل مكان.
إن الانهماك في خلع الزوان، فيه تبديد للطاقات..
الشيطان مستعد أن يشغلك كل حين بالمشاكل وأن يقدم لك ما لا يحصى من الأخطاء لكي يلهيك بمقاومتها ومحاربتها عن العمل في بناء نفسك وبناء الملكوت.
وفى هذا الصراع يبدد وقتك وجهودك وأعصابك.
وفى خلع الزوان أيضاً قد تفقد سلامك الداخلي وربما سلامك مع الناس أيضاً إذ تحيا في صراع.
وهكذا تفقد هدوءك وصفاءك وربما تفقد وداعتك أيضاً. وقد تدخلك المشاكل في جو من الاضطراب ومن الخلافات التي لا تنتهى والتي تثيرك وتحيطك بالانفعال الدائم.
وكما تفقد وداعتك وهدوءك قد تفقد بشاشتك أيضا، ولا يراك الناس إلا متجهما لا ابتسامة لك، وربما يملكك الغضب ويملكك الحزن ولا تحاول أن تتخلص منها لأنك تحسبه غضباً وحزناً مقدساً لأجل الله..
وقد يوصلك كل هذا إلى قساوة القلب..
باستمرار تدين الناس المخطئين، ثائراً على ما فيهم من أخطاء بحجة خلع الزوان منهم، وباستمرار تكون في ضجيج وقد يرتفع صوتك على الناس وتنتهر وتوبخ وتنفث التهديدات وتكون متبرما بكل شيء..
وفى كل هذا قد تفقد محبتك للناس، وتفقد اتضاعك، وفيما تخلع الزوان من الناس تكون قد خلعت الحنطة التي فيك وينظر إليك الناس فيرونك مثل الزوان في كل شيء..
قليلون هم الذين يستطيعون أن يخلعوا الزوان وفي نفس الوقت يحتفظون بحنطتهم (اقرأ مقالاً آخر عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). لذلك حسناً منع الرب أولاده من خلع الزوان لئلا يخلعوا معه الحنطة.
وحسنا قال الكتاب: "لا تقاوموا الشر"..
إن أحسن طريقة لخلع الزوان هى تقديم القدوة الصالحة التي تقتضى عليه، وكما قال الحكيم: "بدلاً من أن تلعنوا الظلام أضيئوا شمعة"..