عندما كنا صغاراً لم نحلم البتة بأننا سنكبر ونكون هكذا..أحيانا تكون الحياة كريمة معنا لحد الكرم الزائد و ياللعجب نكون نحن من يرفض هباتها لنا ثم نعود فنستعطيها عندما تحول هي وجهها عنا..كنا صغاراً بضفائر و شعر اشعث تتطاير خصلاته مع الهواء و روح خفيفة تتناغم مع الكون و الوجود..كنا نضحك ضحكات بريئة بلا تصنع وبلا كبرياء أو حدود فاصلة..كنا نستلذ كلام البنات و نعجب بكل شئ جديد نكتشفه عن أنفسنا و كأننا كائن غريب ليس نحن ...كنا نسير فتلاحقنا النظرات و ربما الكلمات و كنا نري هذا المعني في العيون الذي لم نفهمه حينها و لكننا نعيه الان جيداً...معني ان تنظر لثمرة في طور النمو ووردة تنتظر ان تتفتح ليقطفها أحدهم..ولم نتصور في يوم من الايام أننا مثل الورد الذي أثمر و حان وقت قطفه....حقاً كان العابرون اللذين يروننا و يرموننا بنظراتهم في هذه الايام التي ماتت ببرائتها يسألون من سيقطف الثمار..فلكل ثمرة يد تقطفها..ولكن من و متي ....كان يسألون في حيرة و يتمنون في ذات الوقت...كنا نري ذلك كله في عيون العابرين و لا نفهم الا القليل منه حتي دارت الايام...أحيانا كنا ننظرللمدي البعيد حيث تنتهي حدود العالم الذي نراه بعيوننا و نسأل من سيقطفنا...من سيأتي علي حصانه الابيض و يسبق الريح الينا ..و كنا نرسم خطوطاً في الهواء و عوالم كرتونيه تدور فيما بعد المدي المنظور...و اليوم قد حان وقت قطف ثمرتي الخاصة..أتي أحدهم و استأذن والدي ليقطفني..ابي في قمة الفرحة..و امي ستغتالها السعادة بينما تقتل الغيرة اقراني ....هذا مثال علي كرم الزمان الذي يأتي فجأة و بلا مقدمات أو توقع... ولكن لم يكن هو أليخاندرو الفارس الاسباني الذي تخيلته بل رجلا جاد يحمل بعض سمات المرح..لم يكن هذا الانسان الطليق الذي حلمت به يجري معي و يحملني في المروج الخضراء ..بل شاب عصري يرتدي النظارة و يحلق ذقنه دوجلاس و يجري هو الاخر مثل ابي و امي وراء هدية يهديها له الزمان في شكل ثمرة طعمه أسمها أنا