الهدوء صفة جميلة يتصف بها الإنسان الروحي، ومنها:
هدوء القلب، وهدوء الأعصاب، وهدوء الفكر، وهدوء الحواس، وهدوء التصرف، وهدوء الجسد.
الإنسان الهادىء لا يضطرب قلبه لأي سبب، ولا يفقد هدوءه مهما ثارت المشاكل. وكما قال داود النبي "إن يحاربني جيش فلن يخاف قلبي، وإن قام على قتال ففي هذا أنا مطمئن". لأنه هدوء مصدره الإيمان..
إن فقد الإنسان هدوءه من الداخل، يبدو أمامه كل شيء مضطربا، وكل شيء بسيط يبدو معقدا.
شان التعقيد ليس في الخارج، وإنما في داخله..
وإن هدأ القلب يمكن أن تهدأ الأعصاب أيضاً، فلا يثور الشخص، وإنما يحل الإشكال في هدوء..
إن العقل إن عجز على حل أمر ما تتدخل الأعصاب لحله، وقد تعلن الأعصاب الثائرة عن قلة الحيلة وفقدان الوسيلة، وكلما تعبت الأعصاب تزداد ثورتها..
والشخص الهادىء قلبا وأعصاباً، يمكنه أن يكتسب الهدوء في التفكير وفي التصرف، فيفكر تفكيرا متزنا مرتبا بغير تشويش ويتصرف في اتزان وهدوء، ليس في صخب الانفعال ولا في اضطراب الأعصاب.
ومما يساعد على الهدوء الداخلي، الهدوء الخارجي: هدوء المكان، وهدوء البيئة، والبعد عن المؤثرات المثيرة.
لذلك فان الرهبان الذين يعيشون في هدوء البرية، بعيدا عن الضوضاء، وعن صياح الناس، وعن إثارة الأخبار والأحداث هؤلاء يكون تفكيرهم أكثر هدوءا وتكون قلوبهم وأعصابهم هادئة، ويكونون في الغالب قد اعتادوا الهدوء..
وحياة الوحدة والانفراد تجلب الهدوء عموما بسبب هدوء الحواس (اقرأ مقالاً آخر عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). لأن الحواس هي أبواب للفكر كما يقول القديسون فما تراه وما تسمعه وما تلمسه يجلب لك فكرا، فإن استراحت حواسك من جميع الأخبار، استراحت نفسك من الأفكار..
والمكان الهادىء يساعد على هدوء الحواس وبالتالي هدوء الفكر وهدوء القلب وهدوء الأعصاب. لذلك فان كثيرين يبعدون عن الأماكن الصاخبة التماسا للهدوء..
إن محبي الهدوء يبحثون عنه بكل قلوبهم، ولكن البعض - للأسف - يحبون الصخب ولا يعيشون إلا فيه ويسأمون من الهدوء!